مصر: حملات أمنية مكثفة ضد «تجار العملة»
كثَّفت السلطات المصرية حملتها الأمنية ضد «تجار العملة» خلال الساعات الماضية، لمواجهة «السوق السوداء» للعملة الأجنبية. وأعلنت وزارة الداخلية المصرية، ضبط 131 مليون جنيه (الدولار يساوي 47.8 جنيه في البنوك المصرية) خلال 4 أيام، عبر ضبط عدد من جرائم «الاتجار غير المشروع» في النقد الأجنبي.
وأكد مصدر أمني مصري، لـ«الشرق الأوسط»: «استمرار الضربات الأمنية للتصدي لـ(تجار العملة) خلال الفترة المقبلة»؛ مشيراً إلى أن «وزارة الداخلية تكثف جهودها لضبط المتلاعبين بالاقتصاد المصري، من خلال الحملات اليومية في جميع المحافظات المصرية»، موضحاً أن «هذه الحملات كان لها أثر إيجابي خلال الفترة الماضية، للحد من الاتجار غير المشروع في النقد الأجنبي».
وتتزامن جهود «الداخلية المصرية» مع تعهدات جديدة لرئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، بـ«ضبط الأسواق في البلاد خلال الأيام المقبلة».
وأكد مدبولي، الاثنين: «توفر الدولار في البلاد خلال الأيام الماضية، وبسعر أقل كثيراً من (السوق الموازية)». وأشار إلى أن الإجراءات التي قامت بها الدولة المصرية خلال الفترة الأخيرة، المتمثلة في إتمام «صفقة مشروع تنمية مدينة رأس الحكمة» على الساحل الشمالي الغربي، والاتفاق الذي تم التوصل إليه مع صندوق النقد الدولي، فضلاً عن تفعيل الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، ساعدت على توفر كم كبير من العملة الأجنبية.
ومطلع مارس (آذار) الحالي، سمح البنك المركزي المصري للجنيه بالانخفاض، بما يصل لنحو 50 جنيهاً للدولار الواحد حينها، وإعلانه التحول إلى نظام صرف مرن؛ وفق «آليات السوق». وخلال الأشهر الماضية اعتمد جزء كبير من الاقتصاد المصري على سعر الدولار في «السوق السوداء» الذي وصل إلى 70 جنيهاً، مطلع فبراير (شباط) الماضي.
حملات أمنية
وأعلنت وزارة الداخلية، الثلاثاء، شن حملات أمنية مكثفة ضد «جرائم الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي، والمضاربة بأسعار العملات، عن طريق إخفائها عن التداول، والاتجار بها خارج نطاق السوق المصرفية»، وهو ما عدَّت «الداخلية» أنه يعود بـ«تداعيات سلبية على الاقتصاد القومي لمصر».
وقالت «الداخلية» إنه تم «ضبط عدد من قضايا الاتجار في العملات الأجنبية المختلفة، الثلاثاء، بقيمة مالية قرابة 38 مليون جنيه». كما أفادت «الداخلية» في بيان، الاثنين، بأنه تم «ضبط عدد من قضايا الاتجار في العملات الأجنبية بقيمة مالية 17 مليون جنيه». وذكر بيان لوزارة الداخلية الأحد، أنه «تم ضبط نحو 58 مليون جنيه»، وكذا «ضبط 18 مليون جنيه، السبت الماضي».
وقال أمين سر لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب عمرو القطامي، إن «جهود الدولة المصرية خلال الفترة الأخيرة ساهمت بقوة في التصدي لـ(السوق السوداء) للعملة»، مؤكداً أن «الحملات المكثفة ضد (تجار العملة) كان لها الأثر في تراجع سعر الدولار في (السوق الموازية) بصورة ملحوظة، خلال الفترة الماضية»، مشدداً على «أهمية مواصلة جهود ملاحقة الاتجار بالعملة الصعبة، والذي يمثل خطورة كبيرة على الاقتصاد الوطني والعملة المحلية».
وينص القانون المصري على معاقبة من يمارس «الاتجار في العملة» بالحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات، ولا تزيد على عشر سنوات، وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه، ولا تتجاوز 5 ملايين جنيه أو المبلغ محل الجريمة، أيهما أكبر، بينما تصل عقوبة شركات الصرافة المخالفة إلى إلغاء الترخيص وشطب القيد من السجل.
خفض الأسعار
والشهر الحالي، وجَّه رئيس الوزراء المصري، وزارة الداخلية، بـ«الضرب بيد من حديد» على يد كل تجار «السوق السوداء» و«الشبكات» التي تسيطر على التحويلات المالية للمصريين بالخارج، واصفاً حينها حالة الاستنفار ضد «السوق السوداء» بأنها «حرب» لإعادة «التوازن إلى الاقتصاد المصري، والقضاء على سوق العملة».
وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، أخيراً، أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية قفز إلى 35.7 في المائة في فبراير الماضي، من 29.8 في المائة في يناير (كانون الثاني) الماضي، مدفوعاً بشكل أساسي بارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات.
وأقر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في فبراير الماضي، حزمة حماية اجتماعية جديدة، وُصفت بأنها «أكبر حزمة اجتماعية لتخفيف الأعباء عن المواطنين»؛ لمواجهة الغلاء في البلاد. وتم تطبيق هذه الحزمة بداية من مارس الحالي. وأكد رئيس مجلس الوزراء المصري، الاثنين، أنه «اتفق مع المصنِّعين والتجار على الإعلان عن بدء خفض أسعار السلع في البلاد بنحو 15 و20 في المائة خلال الفترة المقبلة، على أن يصل تخفيض الأسعار إلى نحو 30 في المائة بعد عيد الفطر».
وقررت الحكومة المصرية، السبت الماضي، بناء على توجيهات الرئيس المصري، الإبقاء على سعر رغيف الخبز المدعم، على أن تتحمل الدولة المصرية فرق الزيادة بالنسبة للأفران التموينية التي تعمل بالسولار أو الغاز. وجاء قرار الحكومة المصرية، بعدما قررت «لجنة تسعير المنتجات البترولية»، مساء الخميس الماضي، تحريك سعر البنزين والسولار بنسب تتراوح ما بين 8 و33 في المائة، بعد «تأجيل الزيادة أكثر من مرة، وفي ضوء ارتفاع أسعار النفط عالمياً»، حسب اللجنة.
وشهدت مصر ارتفاعات متتالية في أسعار السلع منذ بداية العام الحالي؛ خصوصاً أسعار الذهب، ومواد البناء، والأجهزة الكهربائية، والمواد الغذائية، ومنتجات الألبان، واللحوم، والدواجن.