البحر مسرح خيالي في «أفق جديد»
يبدو للبحر سردية مغايرة في معرض «أفق جديد»، الذي يستضيفه غاليري «سفر خان» بالقاهرة، ويستمر عرضه افتراضياً خلال شهر رمضان، إذ يمكن تأمل البحر كمسرح أسطوري مفتوح يجمع بين أبطال وبطلات قادمات من حضارات قديمة.
صاحبة المعرض الدكتورة أمل نصر، أستاذ التصوير بكلية الفنون الجميلة جامعة الإسكندرية، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتخيل دائماً أن هناك مملكة تحت سطح البحر، لا نعلم عنها شيئاً»، مشيرة إلى أن «هذا ملمح مهم لعلاقتها الخاصة بالبحر، بكل ما يشغله من مساحات حُرة وأفق جديد».
وتؤكد نصر أنها تميل إلى توظيف عناصر من الفنون البدائية، وفنون الحضارات القديمة: «أقوم بتوظيفها ومعالجتها فنياً في أفق حديث ومعاصر، ففنون الأجداد دائماً قابلة لإعادة الصياغة في الفنون المعاصرة».
ففي لوحات المعرض، الذي يمكن تأمل الكائنات الخرافية التي تبدو وكأنها تلعب دور بطولة خاص على مسرح البحر، ومنها تلك الكائنات المُخلقة كنصف الطائر، ونصف المرأة، ونصف الحصان: «تلك الكائنات المُخلقة كانت موجودة بامتداد الحضارات، كاليونانية والإغريقية والمصرية القديمة، وفي الفنون البدائية، في هذا المعرض حاولت إعادة تقديمها في أفق جديد على مسرح واحد، باختلاف منابعها وأزمنتها».
بجوار الكائنات المُخلقة، يمكن تأمل صيادي الكهوف، ومنحوتات المايا والأزتيك، وحوريات البحر، وكذلك أفروديت اليونانية التي يبدو في المعرض وكأنها في حالة حوار متصلة مع كل من عشتار وفينوس، وهنالك أيضاً عرائس اليونان العاجية القديمة، ونساء التناجرا السكندريات، وحوريات الإنذار من ملحمة الأوديسا، وذلك في زخم حركي مستوحى من مُخيلة الأساطير في نسيج تجريبي وحديث، فيما تبدو السفن والأسماك والطيور معالم حيّة بصرية مُصاحبة لأبطال الأساطير وحكاياتهم التي نسجتها صاحبة المعرض.
تسود روح مدينة الإسكندرية البحرية والساحلية، على عالم المعرض الجديد للفنانة أمل نصر، وهي الفنانة السكندرية التي تعتز بتلك الصورة الخاصة مع مدينتها المُلقبة بـ«عروس البحر الأبيض المتوسط»، تقول: «أعتز بانتمائي للإسكندرية، ومحظوظة بذلك الأفق المفتوح للمدينة على السماء والبحر، أشعر بأنهما دوما يمثلان معاً بالنسبة لي الرحمة، وفي المعرض كان البحر بكل طبقاته وأفقه، وصولاً لقاعه من أبرز مفرداته وساحاته التي صنعت بها عالمي».
تتذكر أمل نصر ذلك اليوم الذي قامت فيه بمشاهدة الآثار الغارقة في الإسكندرية «صدمت عندما شاهدت تلك الآثار، لا سيما أنني أتخيل أن تحت البحر هناك عالم وممالك لا نعلم عنها شيئاً، وكثيراً ما أحلم بتلك المدن، ببعدها الأسطوري، وأشعر بأن هناك عالماً وحياة أخرى يمكن الوصول إليها».
تسود درجات اللون الأزرق في فضاء المعرض، التي تعتبرها الفنانة تمنح مساحة راحة في خلفية اللوحات بكل ما تحمله من عناصر وزخم، «إلى جانب درجات الأزرق، فهناك درجات أرضية وسماوية، ودرجات الأخضر والأحمر»، وتتماوج تلك التكوينات اللونية الصاخبة مع العناصر المغزولة على سطح اللوحات، التي تحاكي الروح الحُرة للشخصيات المُتحاورة بين طبقات البحر وأصدائه المُتعددة.